المقال السابق

دولي بايدن: حققنا نصرا ساحقا وسأعيد للولايات المتحدة هيبتها
08/11/2020

المقال التالي

إقليمي تعليق للإمام الخامنئي على نتائج الانتخابات الاميركية 
08/11/2020
دولي هذا هو بايدن وهذه الخطوط العريضة لسياسته الخارجية 

ولد جو بايدن الرئيس الأمريكي الـ46 للولايات المتحدة الاميركية، (اسمه الكامل جوزيف روبينيت بايدن، 77 عامًا)  في ولاية بنسلفانيا (1942-11-20). ودرس في أكاديمية أريشمير، جامعة سيراكوس للقانون، جامعة نيوارك. هو سيناتور في مجلس الشيوخ الأمريكي، وعضو بارز في الحزب الديمقراطي الأمريكي، وأصبح منذ اليوم الرئيس الأكبر سنا في تاريخ الولايات المتحدة.

عمل بايدن كمحامٍ متدربٍ في ويلمنجتون، ديلاوير، ثم انتُخب ليكون قنصل مجلس مقاطعة نيو كاسل من 1970 وحتى عام 1972، حيث قرر الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي بسبب موائمة الفرصة له نتيجة تنحي جايمس بوجز الجمهوري المرشح للفوز، ففاز بايدن بالانتخابات على الرغم من إعادة ترشيح بوجز لنفسه بدعوة من الرئيس الأمريكي آنذاك (ريتشارد نيكسون).

كما ساعدته حملته الانتخابية التي تركز على حماية البيئة، ومعالجة قضايا الهجرة، والتأمين الصحي، والحقوق المدنية، والانسحاب من فييتنام، وغيرها من القضايا التي جعلته أقرب وأكثر قدرة على التواصل مع الناخبين.

تسلم بايدن مكتبه ولقبه كسيناتور عام 1973 حيث كان في الثلاثين من عمره، وبالتالي سادس أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة، وأكثرهم استمراريةً في المجلس عبر إعادة انتخابه 6 مراتٍ متتالية، منتصرًا على جايمس باكستر عام 1987، وجون بوريس عام 1984، ثم جاين برادي في 1990، ورايموند كلاتورثي عام 1996، وبأغلبية 60% من الأصوات في 2000. وأُعيد انتخابه بعدها لآخر مرة في 2008 حيث كان رابع أكبر عضو في المجلس.

خلال جميع دوراته كسيناتور، كان جو بايدن رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ويُعتبر -وفق توجهاته السياسية وآرائه عن القضايا التي تم طرحها أثناء تلك الفترة- من الليبيراليين المعتدلين بشكلٍ عام.

شملت ارائه وتوجهاته الآتي:

– معارضته لحرب الخليج عام 1991 لكنه دعا بلاده وحلف شمال الأطلسي إلى التدخل في حرب البوسنة والهرسك التي امتدت بين عامي 1994 و 1995، وأيد قصف صربيا في 1999 خلال حرب كوسوفو.
– تصويته بالموافقة لصالح القرار الذي أذن بشن حربٍ على العراق عام 2002 معتبرًا الرئيس العراقي آنذاك (صدام حسين) تهديدًا يجب التخلص منه بأي وسيلة، لكنه عارض إرسال المزيد من القوات إلى العراق عام 2007 باعتبار أنه كان قرارًا خاطئًا حينها، ودعم فكرة تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم تعتمد على مرجعيةٍ طائفيةٍ، لكنه فشل بحصد القبول عليها؛ كما صوت لصالح غزو أفغانستان عام 2001.
– تأييده الخيار الدبلوماسي مع استخدام العقوبات إذا استدعى الأمر، فيما يخص علاقة الولايات المتحدة مع إيران، معارضًا اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمةً إرهابية.
– تأييده منح تأشيرات للعمال الزائرين فيما يتعلق بالهجرة، لكنه يدعم فكرة بناء جدار عازل بين الولايات والمكسيك.
– تأييده فكرة تقسيم فلسطين المحتلة إلى دولتين للصهاينة والفلسطينيين.
– دعوته لحماية البيئة منددًا بخطر التغيير المناخي، حيث عارض التنقيب عن النفط في محميات ألاسكا مفضلًا البحث عن مصادر طاقة بديلة.

عيّنه الكونغرس كأحد الشخصيات الاثني عشر الذين أحدثوا فرقًا في السياسات الخارجية الأمريكية، إضافةً لتسلمه عدة مهامٍ في اللجنة القضائية التي ترأسها مرةً وحيدة، حيث شارك خلالها بصياغة العديد من قوانين الجريمة الفيدرالية، بما فيها التركيز على قضايا الحد من التسلح، والتحكم في جريمة العنف وإجراءات تطبيق القانون لعام 1994 المعروف ب”قانون بايدن للجريمة”.

أما القانون الأبرز فهو قانون العنف ضد المرأة التاريخي الصادر في 1994 أيضًا، والذي يتضمن العديد من الإجراءات للحد من العنف المنزلي، مزودًا مليارات الدولارات للأموال الفيدرالية من أجل التوصل للجرائم المبنية على الجنس وحلها. كما أصدر تشريع “أطفال 2000” الذي يضمن تأمين الحاسب، والمدرس، والإنترنت، ودورات التقوية وغيرها مما قد يحتاجه طلاب المدارس في القطاعين العام والخاص والمشترك.

خلال فترة عمله في مجلس الشيوخ، قام بايدن بتدريس مادة القانون الدستوري بكلية القانون في جامعة ويدينير بولايته ديلاوير بدءًا من 1991، حيث قدم الكثير للولاية أثناء عمله كسيناتور. كما دعم قاعدتي دفر الجوية، ونيو كاسل العسكريتين، وغيرها من المشاريع التي رصد لها ملايين الدولارات، إضافةً لحملات جمع التبرعات التي قام بها ويعد على أثرها أكثر سيناتور جمعًا للتبرعات في تاريخ الولاية.

رشح جو بايدن نفسه سابقًا في العام ذاته للانتخابات الرئاسية سعيًا منه ليصبح أصغر رئيس للولايات المتحدة منذ جون كينيدي، لكنه تعرّض لعارضٍ صحيٍ أوقف حملته الانتخابية على إثره. استأنف بايدن عمله في الكونغرس بعد سبعة أشهر من إصابته الدماغية حتى استقالته عام 2009، حيث عين نائبًا للرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، ليصبح ثاني أقوى شخصية في الولايات المتحدة بعد الرئيس.

بدأ بايدن عمله في منصبه الجديد كنائب للرئيس الـ 47 للولايات المتحدة باراك أوباما، بعد أن كان قد ترشح ضده في الانتخابات الرئاسية عام 2008، لكنه قام بالانسحاب نظرًا لمنافسيه البارزين هيلاري كلينتون وباراك أوباما، وفشله في حشد الناخبين إلى جانب بضع تعليقاتٍ أدلى بها أدت لإيذاء حملته، وتركيز الإعلام بشكلٍ رئيسي على المرشحة الألاسكية سارة بالين. تلاها اجتماعه بشكلٍ سري مع باراك أوباما إثر انتخابه رئيسًا رغبةً من الأخير أن يشغل بايدن منصب نائبه، رغم ضعف العلاقات بينهما أثناء عملهما معًا في لجنة السياسات الخارجية في الكونغرس، فتم انتخاب بايدن نائبًا للرئيس.

عُيّن بايدن بعد فترةٍ وجيزةٍ من الانتخابات رئيسًا للفريق الانتقالي للرئيس المنتخب أوباما، ثم اختار مساعده رون كلاين ليكون رئيس أركانه.كما شارك بكافة التعيينات الوزارية التي تمت في الفترة الانتقالية، ثم استقال من الكونغرس بعد أن كان قد تم انتخابه لولايةٍ جديدةٍ في 2008، وقام برحلة إلى العراق وأفغانستان كآخر مهمةٍ له في لجنة السياسات الخارجية، مودعًا بعدها مجلس الشيوخ بخطابٍ مؤثر بعد أن قضى فيه 35 عامًا.

تولى بايدن دور مستشارٍ مهمٍ وراء الكواليس، منها فصل النزاعات مع منافسي أوباما، والحصول على دعم مجلس الشيوخ في العديد من تشريعات أوباما، منها “حزمة التحفيز” التي واجهت بشكل فعال الركود المستمر وخلقت فرصًا عديدة للعمل، وقانون حماية المرضى والرعاية الصحية وغيرها.

وجهات نظره حققت أهميةً كبيرة في البيت الأبيض جعلت الجميع داخله يعيد النظر باستراتيجياته، وحظي بثقةٍ كبيرةٍ على الرغم من زلات اللسان والتصريحات المتهورة التي كان يدليها أحيانًا. قاد بايدن جهودًا ناجحةً للحصول على موافقة الكونغرس على معاهدة “ستارت” الجديدة، التي تنص على خفض التسليح النووي بين روسيا وأمريكا بدءًا من عام 2010.

أما خارجيا، فقد مثل بايدن الولايات المتحدة في العديد من المناسبات والفعاليات الهامة عالميًا، داعمًا خلق علاقاتٍ اقتصاديةٍ جديدة بالأخص مع روسيا. كما دعا للتدخل العسكري بقيادة الناتو في ليبيا عام 2011، وعارض خلال تلك الفترة تنفيذ العملية العسكرية التي أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن تخوفًا من تداعيات فشلها.

انتُخب لولايةٍ ثانية في منصب نائب الرئيس الأمريكي وفق تذكرة (أوباما- بايدن) في نوفمبر عام 2012 متغلبةً على تذكرة (رومني- ريان)، سبقتها نيته في الترشح للانتخابات الرئيسية، لكنه تراجع عنها لصالح أوباما الذي عينه رئيسًا لمنظمة “ضد العنف”، التي أنشأت لمعالجة ظاهر العنف المسلح المتفاقمة في البلاد.

وقام بايدن بتمرير قانون الإعفاء لدافعي الضرائب الأمريكي لعام 2012 لمنع سقوط البلاد في هاويةٍ ماليةٍ وفق صفقة مع ماكونيل، ما رفع معدلات الدخل وجعل الكثير من التخفيضات الضريبية دائمة، لكنه فشل في تمرير تشريع خفض التسليح، وتم عزله أثناء مناقشات الكونغرس لأزمة سقف الدين لعام 2013، وقانون المخصصات المستمرة لعام 2014.

قام بايدن خلال فترة ولايته الثانية كنائبٍ للرئيس بالاستعداد للحملة الرئاسية لعام 2016 حيث كان من الممكن أن يكون أكبر رئيس في تاريخ التنصيب، مقابل انخفاض شعبية هيلاري كلينتون بدا الأمر، ليتراجع لاحقًا، ويُعلن دعمه لكلينتون التي كانت تواجه دونالد ترامب في الانتخابات التي ربحها الأخير، وانتهت معها ولاية بايدن الذي يعد من أبرز معارضي سياسات ترامب.

وأعلن بايدن في منتصف عام 2019 ترشحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية عن الحزب الديمقراطي في مواجهة ترامب. وفاز بمعركة انتخابية حامية ضد الرئيس الامريكي.

بايدن لن يطوي بالكامل صفحة دبلوماسية ترامب 

وعد جو بايدن الذي أعلن فوزه السبت في السباق إلى البيت الأبيض باستعادة الريادة الأميركية وتجميع الحلفاء الديموقراطيين للولايات المتحدة، لكن يجب أن تتعامل سياسته الخارجية مع العالم المضطرب الموروث عن حقبة دونالد ترامب ولا يمكنه ببساطة العودة إلى الوراء. وكتب نائب الرئيس السابق بداية العام في مجلة “فورين أفيرز” أن “مصداقية الولايات المتحدة وتأثيرها في العالم تراجعا منذ غادرت أنا والرئيس باراك أوباما السلطة”، ووعد بالحرص على أن “تقود أميركا العالم من جديد”.

يرغب جو بايدن في أن يقوم منذ أول أيام ولايته في كانون الثاني/يناير 2021 بالانضمام مجددا إلى اتفاق باريس حول المناخ الذي انسحب منه الرئيس الجمهوري، ويعيد العلاقات مع منظمة الصحة العالمية التي جرى التخلي عنها في خضم جائحة كوفيد-19. واقترح أن ينظم خلال أول عام له في البيت الأبيض “قمة للديموقراطيات” لتحسين صورة الولايات المتحدة وإعادة تأكيد التزامها بالتعددية القطبية التي تعرضت للتشكيك طيلة أربعة أعوام، وإصلاح العلاقات مع الحلفاء الغربيين التي أضرت بها الدبلوماسية الترامبية.

مواجهة مع الصين

تعتبر سيلينا بيلين من “معهد بروكينغز” للأبحاث أنه “ثمة تهديد” بأن يرى بايدن (77 عاما) العالم “على النحو الذي تركه عند مغادرته منصبه وليس كما يبدو اليوم”، وبالتالي يسعى إلى “العودة إلى الوضع العادي”. وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس “لكن العالم تغير وغير ترامب قواعد اللعب في كثير من المواضيع”.

من جهتها قالت كاترينا موليغان من مركز “أميريكان بروغريس” القريب من الديموقراطيين “بصفة عامة لا أظن أن سياسة بايدن الخارجية ستكون نسخة معادة من السياسة الخارجية خلال حقبة أوباما”، وتابعت أنه “يجب خلال هذه الولاية الرئاسية التعامل مع صعود السلطوية وحقيقة أن الديموقراطية لم تعد تتمدد في العالم”.

وأوضح وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمونت بون أنه على القارة العجوز عدم توقع أن “يكون الوضع مثلما كان قبل انتخاب الرئيس ترامب”. وأضاف أمام صحافيين في واشنطن “أظن أن بعض توجهات رئاسة ترامب -الضغط على الاتحاد الأوروبي في موضوع جهود الدفاع والموقف الصارم حول التجارة والمواجهة مع الصين- ستتواصل بطريقة أو بأخرى”.

أسلوبان متناقضان

بعيدا عن الأسلوبين المتناقضين والتكتيكات المختلفة، لا وجود لفروقات بين دونالد ترامب وجو بايدن حول مواضيع مهمة. أراد الأول الوافد الجديد على عالم السياسة “وضع حد للحروب بلا نهاية” وبدأ في سحب الجنود الأميركيين من سوريا والعراق وأفغانستان. أما الثاني فقد عمل سناتورا لمدة 36 عاما وله حصيلة ثقيلة من أبرز محطاتها التصويت لصالح غزو العراق عام 2003، لكنه أقر بـ “الخطأ” في هذا الموضوع وصار مقتنعا أن الرأي العام مل من التدخلات العسكرية.

لذلك من المستبعد أن يرسل الديموقراطي قوات كبيرة إلى أفغانستان وهو يفضل الاعتماد على مهمات مكافحة إرهاب تنفذها القوات الخاصة. بايدن الذي ينتمي إلى الطبقة الحاكمة التي تحمل آمالا منذ وقت طويل بأن تتحول الصين إلى الديموقراطية بفضل انفتاحها الاقتصادي، قام بمراجعات أيضا حول هذا الموضوع المهم في وقت تبدو واشنطن وبكين على شفير حرب باردة جديدة.

وصار الديموقراطي يكرر أن “على الولايات المتحدة أن تكون صارمة مع الصين”، لكن قد يكون ذلك نابعا من رغبة في درء نقد دونالد ترامب الذي اتهمه بأنه “ضعيف” ويمكن التلاعب به بسهولة. ويقدر بيل بورنس الذي يرأس “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” أن إدارة هذا التنافس الاستراتيجي ستحدد “نجاح أو فشل السياسة الخارجية الأميركية”. واعتبر أن إدارة بايدن ستركز أكثر على إنشاء شبكة تحالفات في آسيا.

ويبقى الأمر معلقا لمعرفة إن كان جو بايدن سيعتمد على هوامش المناورة التي شكلها الرئيس السابق في ملفات الصين والتجارة والنووي الإيراني وكوريا الشمالية. وتتساءل سيليا بيلين في هذا الصدد إن كان “على غرار ترامب سيفسخ ما حققه سلفه لبدء كل شيء من الصفر”، لكن حينها “هناك تهديد بأن يجد حلفاءه مرهقين”.

رصد المحور/وكالات

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة