حقيقة الديار - شارل أيوب
على مدى 15 سنة تهربت الحكومة والسلطة اللبنانية من وضع خطة وسياسة دفاعية لمنع أي عدوان إسرائيلي على لبنان، فيما هنالك فئات تطالب بنزع سلاح المقاومة، ووضع سلاح المقاومة تحت تصرف الجيش اللبناني، على ان تنسق المقاومة مع القيادة العسكرية للجيش اللبناني.
الذين يقولون بهذا الشعار انما يعرضون الجيش اللبناني لاكبر تدمير واكبر خطر لان كل الثكنات العسكرية بدءا من وزارة الدفاع الى محيطها ثكنة الفياضية ثم الكلية الحربية وهي التي تخرج الضباط، ثم ثكنة المصالح والمستشفى العسكري، ثم الثكنة العسكرية في صيدا والثكنة العسكرية في صور والثكنات العسكرية في صربا وثكنة روميه لفوج المغاوير، وثكنة القبة في طرابلس، ومركز لاحد الالوية على مدخل قضاء البترون وثكنة في عكار، إضافة الى ثكنة كبيرة قرب بعلبك، إضافة الى مطار رياق ومطار القليعات، لان الجيش اللبناني مكشوف وليس لديه سلاح دفاع جوي من طراز اس 400 وليس لديه اس 300 وليس لديه صواريخ ارض - بحر، ولذلك لا يستطيع صد الغارات العدوانية الإسرائيلية.
واذا وضعنا سياسة دفاعية تجعل من الجيش قادراً على ردع إسرائيل فاننا نحتاج الى منظومة صواريخ اس 400 الروسية ومنظومة الصواريخ شايخون 4 الذي يصل مداه الى 300 كلم ارض - بحر.
والسؤال هنا هل ستقبل روسيا او الولايات المتحدة على بيعنا هذه الأنواع من الصواريخ، إضافة الى صواريخ مخصصة لضرب المدرعات والدبابات وناقلات الجند، ولدى الصناعة الحربية في اميركا وروسيا أنواع كثيرة من هذه الصواريخ القادرة على قصف أي هجوم بري بمدرعات وناقلات جنود ونعود ونكرر هل تبيعنا روسيا هذا النوع الى الجيش اللبناني، وهنا السؤال، هل الحكومة اللبنانية لديها القدرة على شراء أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لتسليح الجيش اللبناني كي يكون قادراً على صد الغارات الإسرائيلية او القصف البحري من بوارج إسرائيلية على الأراضي اللبنانية.
نستعرض بسرعة العتاد العسكري الروسي:
ان طول الشاطئ اللبناني هو 220 كلم، ومنهم من يقول 230 كلم، وفق ما ذكره مسؤول كبير لبناني، ولذلك اذا اردنا التصدي للسفن وللمدمرات الإسرائيلية والبوارج وحتى الغواصات، فنحن نحتاج الى صاروخ ب 800 اونيكس، الذي يطلق من الأرض نحو البحر، وهو احدث صاروخ روسي، ويعرف في أسواق التصدير باسم ياخون وسرعته اسرع من الصوت مرتين ويصيب هدفه بدقة شديدة.
وبالنسبة للشاطىء اللبناني يحتاج الى 72 منظومة من طراز ب 800 اونيكس، وكلفتها ملياران و800 مليون دولار، ومع ذخيرتها من الصواريخ فان كلفة الذخيرة والصيانة تصل الى مليار دولار، أي ما مجموعه 3 مليارات و800 مليون دولار لحماية شاطئنا كليا من أي قصف بحري على الأراضي اللبنانية.
فهل تقبل روسيا ان تبيعنا هذا النوع من الصواريخ، حيث ان روسيا لم تبع هذا النوع من الصواريخ الا الى الهند، والصاروخ مخصص للسفن والغواصات وقاذفات بحرية، ورغم اسلحة المضاد الكترونياً فان العدو يقع تحت نيران الصاروخ ب 800 اونيكس، يقابله اميركيا صاروخ بوينغ هاربون وهو مضاد للسفن وانتجته شركة بوينغ ووزن الصاروخ 600 كلغ والرأس الحربي 200 كلغ، وسعر المجموعة حوالى 75 منظومة يصل الى 4 مليارات دولار لحماية الشاطئ اللبناني.
وعلى صعيد منع الغارات الجوية من إسرائيل فان لبنان يحتاج الى اس 400 تريومف وقد تم تطويره على مدى 12 سنة الى ان انتجت روسيا المنظومة الحديثة لصواريخ اس 400 اليوم، واس 400 الصاروخية قادرة على اسقاط الهدف الجوي على بعد 400 كلم وسرعة الصاروخ يصل الى مرتين ونصف سرعة الصوت، وهو قادر على اسقاط 6 اهداف جوية في ذات الوقت إضافة الى استمرار بقية المنظومات من قصف الأهداف الجوية وكون الصاروخ اسرع من الصوت مرتين ونصف ودقيق الإصابة صنفته الدراسات الحربية بأن منظومة اس 400 هي واحدة من افضل أنظمة الدفاع الجوي الحالية.
وتركيا اشترت بقيمة مليارين و300 مليون دولار من منظومات اس 400 ارض - جو لان لديها صواريخ أميركية من حلف الناتو تغطي أيضا الأراضي التركية ضد الأهداف الجوية.
فهل تبيعنا روسيا اس 400، وهي التي باعت اليونان وتركيا ومصر وايران فقط، ورفضت بيع سوريا اس 400. كما رفضت لدول اسيوية قرب الاتحاد السوفياتي امتلاك منظومة الدفاع اس 400.
ولبنان يحتاج الى 95 منظومة دفاع اس 400 حيث تتألف كل واحدة من 3 منصات صاروخية تحمل كل واحدة 6 صواريخ، ويتم تذخير المنظومات بصواريخ أخرى فور اطلاق الصواريخ التي فيها على الطائرات والاهداف الجوية.
وفي المقابل، توجد منظومة أميركية هي باتريوت المضادة للاهداف الجوية، واذا كان سعر المنظومات الروسية اس 400 بعدد 95 قاعدة صواريخ هو 4 مليارات و600 مليون دولار، فان منظومة الدفاع الأميركية باتريوت ضد الأهداف الجوية سعرها لتغطية الأراضي اللبنانية للدفاع الجوي هو 6 مليارات دولار، أي اننا جمعنا منظومة الدفاع الجوي ولا احد سيبيعنا ذلك لا اميركا ولا روسيا، لكن اذا تحقق ذلك فان منظومة الدفاع الجوي تحتاج الى 5 مليارات دولار ومنظومات الدفاع البحري تصل الى 4 مليارات، كما ان الصواريخ المضادة للدبابات إضافة الى المدافع التي تطلق اوتوماتيكيا 2000 رصاصة مضادة للاهداف الجوية وهي من طراز بانكستير الروسية يصل سعرها الى مليار دولار اذا قمنا بنشرها على الأراضي اللبنانية كافة الى جانب منظومة الـ اس 400 وسعرها يصل الى مليار و700 مليون دولار.
وأخيرا نتحدث عن صاروخ ارض - ارض ولنأخذ مثلا صاروخ إسكندر، وتسميته الشيطان، ومداه 800 كلم، وهو اسرع من الصوت، وهو صاروخ ارض - ارض يصيب هدفه بدقة متناهية، أي انه يضرب الهدف ويصيبه ضمن دائرة 15 مترا حوله، وصاروخ إسكندر الشيطان لا تبيعه روسيا الى لبنان، لكن اذا اعتبرنا ان روسيا وافقت فسعر 10 الاف صاروخ من طراز إسكندر الروسي والملقب بالشيطان يصل سعرها الى مليار و100 مليون دولار مع تجهيزاتها.
على هذا الأساس، لا يمكن المطالبة بنزع سلاح المقاومة لانها نقلت لبنان من الخوف الى الردع ضد إسرائيل، واصبح الجيش الإسرائيلي يخاف اجتياز الخط الأزرق الذي لم يكن يجب على الحكومة ان تقبل به لانها هكذا اعترفت بالحدود بين لبنان وإسرائيل فيما لبنان وإسرائيل هما في حالة حرب ويحكمهما الهدنة منذ عام 1949 وتدار الأمور من خلال وفد عسكري لبناني ووفد عسكري إسرائيلي باشراف مندوبين من الأمم المتحدة لبحث كل شيء في المنطقة.
المطالبون بنزع سلاح المقاومة عليهم ان يجاوبوا على سؤالين:
1 - هل الدولة اللبنانية مستعدة لدفع 20 مليار دولار لتجهيز الجيش اللبناني.
2 - هل تقبل روسيا والولايات المتحدة بيعنا هذه الأسلحة.
اذا كان الجواب نعم، يتم نزع سلاح المقاومة بعد 3 سنوات، على ان يبقى جاهزا لدى اول عملية لغارات إسرائيلية على الأراضي اللبنانية ويظهر الجيش انه استطاع صدها بواسطة الأسلحة، التي لم تقبل موسكو وواشنطن على بيعها الى الجيش اللبناني، لان الفيتو الإسرائيلي عليها كبير. كذلك عندما تجاوب الدولة اللبنانية عما اذا كانت ستخصص 20 مليار دولار لتجهيز الجيش اللبناني.
لذلك يجب الكف عن المطالبة بنزع سلاح المقاومة، لان هذا السلاح قام بتغيير وجه التاريخ وأصبحت إسرائيل تخاف منا نتيجة وجود 150 الف صاروخ لدى المقاومة وهذه الصواريخ قادرة على احراق تل ابيب العاصمة الاقتصادية والتجارية ومركز وزارة الدفاع الإسرائيلية، إضافة الى مدن كثيرة في إسرائيل، وإسرائيل لا تتحمل ضربات من هذا النوع مع انها سترد بغارات جوية في العمق اللبناني لضرب كامل البنية التحتية اللبنانية لتقيم شرخاً كبيراً بين قسم من الشعب اللبناني الذي سيقول ان المقاومة وبسبب حربها مع إسرائيل دمرت لنا محطات الكهرباء والجسور والمياه وغير ذلك، لان ليس لدى إسرائيل القدرة على الهجوم بريا نحو الجنوب، لان العنصر البشري لدى حزب الله لا يظهر ولديه شجاعة كبرى وايمان كبير ويحمل صواريخ كورنت اس ورشاشات ثقيلة وغيرها ويقترب من دبابات العدو الى مسافة 50 متراً ويطلق الصواريخ عليها ويدمرها كما حصل في حرب 2006.
أخيرا من الناحية المنطقية يجب نزع سلاح المقاومة ضمن سياسة دفاعية تضعها الدولة اللبنانية على اساس ان يكون الجيش اللبناني قادراً على ردع العدو الإسرائيلي بحرا وجوا وارض - ارض، مع وحدات مغاوير تحفر انفاقاً في الجنوب ويكون معها صواريخ مضادة للمدرعات والدبابات لردع العدو الإسرائيلي. لكن طالما هذا الامر غير متوفر رجاء كفّوا عن طلب نزع سلاح المقاومة وقدموا السياسة الدفاعية الى لبنان، ليدرسها الشعب اللبناني ويرى اذا كان بالإمكان ردع إسرائيل دون قوة المقاومة وسلاحها وايمانها وشجاعتها.
الديار