المقال السابق

ميديا حرفوش مكان سليمان على رأس الوكالة الوطنية للاعلام
22/10/2019

المقال التالي

من الصحف  هذه بعض تصورات حزب الله لمآلات مرحلة ما ‏بعد الحراك 
22/10/2019
من الصحف ‎«‎القوات» بعد استقالتها: محاولة فرض وصاية على «الشارع المسيحي‎»‎


- الأخبار: ‎ ‎ليا القزي
‎ مع استقالة وزراء القوات اللبنانية من الحكومة، بات ظهور حزبييها ومناصريها في ‏الشارع «أكثر صراحة». حاضرون في مختلف المناطق ذات الغالبية السكانية ‏المسيحية، يبادرون إلى إقفال الطرقات، ومنع الناس من توجيه شعارات ضدّ سمير ‏جعجع... أمور توحي بأنّ «القوات» تسعى لفرض نفسها «قائدة الانتفاضة‎»‎
انطلاقاً من مبدأ «كلّن يعني كلّن»، الذي «برّر» شتم والدة جبران باسيل، واتهام رندة ونبيه برّي بالسرقة، ووصف العهد بأقذع ‏الأوصاف، وشَمْل السيّد حسن نصر الله مع «كلّن»، قرّرت مُتظاهرة على أوتوستراد زوق مصبح التعبير عن رأيها، وحمل ‏لافتة مكتوب عليها «سمير جعجع صهيوني». لافتة تعبّر عن رأي كاتبتها بسيرة رجل لم يستحِ يوماً بتاريخ حزبه ومسيرته ‏خلال الحرب، وإن كان «يجنّ» اليوم لمَحوِ هذه المرحلة من ذاكرة الناس. كانت قناة «أم تي في» تنقل مباشرةً من الزوق، حين ‏نالت الفتاة نصيبها من القمع «والتدفيش» لأنّها «تجرّأت» على تذكير جعجع بالتاريخ. تصرخ الشابة مُدافِعةً عن نفسها: «كلّن ‏يعني كلّن»، ومتظاهر قواتي يرفع صوته بوقاحة، «ما تقولي صهيوني»، مُحاولاً أن ينزع بقوة لافتتها من يدها على مرأى من ‏الكاميرات. لماذا أراد هذا الشاب المُنتمي إلى حزب يُنادي بالحرية والديمقراطية والتعددية إخراسها؟ لأنّ القوات اللبنانية بدأت ‏محاولة فرض «وصاية سياسية» على التحرّك الاعتراضي، تحديداً في «المناطق المسيحية». تُشارك في التظاهرات من دون ‏أعلام أو شعارات حزبية، ولكنّها جاهزة لـ«تصويب» آراء المُعتصمين بما يتناسب مع أجندتها. تعمل تحت شعار عام تستّرت ‏به، هو مساواة «14 و8» بالسوء، ولكن تولي «اهتماماً» خاصّاً للشتائم تجاه جبران باسيل، وبثّ جوّ أنّ النبض الأكبر في ‏الشارع ضدّ سلاح المقاومة وعهد ميشال عون. ساعدتها استقالتها من الحكومة لتوسّع انتشارها، وتعمل علناً على استقطاب ‏الناس، لا سيّما بعد أن بات محازبو «القوات» أساسيين في تحديد الطرقات الحيوية التي ستُقطع وتوقيتها. ليل الأحد ــ الإثنين، ‏كان هناك أشبه «بكلمة سرّ» بين القواتيين. عمّم بعضهم على بعض ضرورة تشديد الخناق وإقفال الطرقات الحيوية بطريقة ‏مُحكمة، تمنع أياً كان من الوصول إلى عمله / مدرسته... فرضوا «سيطرتهم» على «الحواجز». أما في كسروان (زوق مصبح ‏ــ غزير)، فمنذ اليوم الأول كان هؤلاء مُبادرين إلى إقفال الطرقات. هم يُشدّدون على أنّ دافع تحرّكهم ذاتي، كمواطنين يُطالبون ‏بحقوقهم، وليس كحزبيين. ولكنهم ما لبثوا أن استعادوا هويتهم الحزبية عند «زكزكةٍ» بسيطة، كما حصل في الزوق مثلاً. ‏بالنتيجة، لا يشذّ حزب القوات عن زملائه في السلطة، وإن قرّر أن يُخرج نفسه شكلياً من دائرتهم، بعدما حرموه «حصّته»: ‏يتحسّس من أي انتقاد، ساعياً وراء طمسه. تُساعده بذلك إعلامياً قناة «أم تي في»، التي تُكمل بثّ رسائلها المُباشرة حتى ولو ‏استغلها المتظاهرون لشتم والدة باسيل، ولكنّها تحجب الصوت عن متظاهر في وسط العاصمة قرّر أيضاً وصف جعجع ‏بالصهيوني‎. 
مع تغلغلها أكثر فأكثر في الشارع، اعتبرت «القوات» أنّ حرب الشائعات ضدّها ستستعر، فحاولت الالتفاف عليها بتوزيع رسالة ‏إلى جمهورها عبر «الواتساب». يتضمن التسجيل الصوتي تأكيداً لـ«الحفاظ على سلمية التظاهرات. قد تسمعون أنّ القوات تستغل ‏الحراك لفرطه، إياكم أن تردوا على الاستفزازات… فليبقَ شارع الثورة، ولتستمر الثورة، فكلّما توقفت انفرطنا نحن، وكلّما ‏استمرت نجحنا‎». 
يقول سياسيون مُتابعون للأحداث الحالية إنّ حزب سمير جعجع يسعى إلى «الالتحاق بالحراك الاحتجاجي، والكَسب شعبياً. هو ‏الأكثر قدرة على التنظيم، ولكن لم يظهر بعد أنّه تمكّن من التأثير في مجرى الأحداث». فعدا عن أنّه «وصل مُتأخراً بعد أن كان ‏الشارع قد انتفض»، يوجد منحى جدّي لدى الناس «بنبذ الأحزاب، وإبقاء التحرك نظيفاً منها». لا يبدو هذا الكلام مُتطابقاً مع ‏المشاهد التي تُنقل، أكان من غاليري سمعان، أم جلّ الديب، وزوق مصبح، وغزير، والبترون... عن هوية الذين يقطعون ‏الطرقات، والعدد الأكبر ممّن تُستصرَح آراؤهم يُعبّرون عن ترحيبهم باستقالة الوزراء الأربعة من الحكومة، ويؤيدون سياسات ‏قيادة معراب، وبدأوا بإطلاق شعارات سياسية تستهدف حزب الله وسلاحه. لا يوافق السياسيون والمُتابعون على ذلك، «الأكثرية ‏ممّن نَزِلوا إلى الشارع لم يُلبّوا دعوة القوات أو غيرها‎». 
‎«‎ما عم نركب موجة حدا»، تردّ مصادر نيابية في القوات اللبنانية، مُضيفةً أنّ «الحراك أصلاً أكثريته من جماعتنا، والمَطالب ‏تُعبّر عن كلّ ما نُنادي به». قفزت القوات اللبنانية فجأة من الالتحاق بالاعتصامات إلى تبنّي أبوّتها. تعترف المصادر القواتية بأنّ ‏التحرك «ثورة شعبية مُحقّة، أبداً لا نوجهه سياسياً، ولكن بالتأكيد لن نُحبّ أن يوجهه أحد إلى مكانٍ آخر». ماذا يعني ذلك؟ ‏‏«إسقاط النظام». كيف؟ شعار «كلّن يعني كلّن»، ورفض وجود كلّ السياسيين، من أين سيأتون بالوزراء والنواب ‏والمسؤولين؟‎».‎
من الطبيعي أن تلجأ الأحزاب إلى «اختراق» التحركات الشعبية، ومحاولة توجيهها بما يخدم توجهاتها السياسية، لا سيما إذا ‏كانت من دون قيادة. «نحن أكثر ناس مرتاحين لهذا الحراك، لا نحاول أن نُسيّسه ولا أن نستثمره، رغم خوفنا من أن يذهب نحو ‏المجهول»، يقول مصدر قواتي. هل إقفال الطرقات يتمّ بقرار حزبيّ؟ يردّ المصدر بأنّ «السؤال عن وجود جهة تُنظّم إقفال ‏الطرقات نطرحه على أنفسنا أيضاً، ولكن ليس نحن». في اليوم الأول «قسمٌ من شبابنا نزل من دون أن يأخذ رأينا، رغم طلبنا ‏منهم التريّث. لم نقدر على أن نضبطهم». في الأيام اللاحقة، «أعددنا للاستقالة عبر دعوتهم إلى المشاركة في التظاهرات، لأنّه لم ‏يكن من الممكن أن نتبنّى التحرك ونحن في الحكومة‎». 
في الأشهر الماضية، كانت القوات اللبنانية تردّ على من يسألها عن سبب بقائها في الحكومة، بأنّها جربت المعارضة من الخارج ‏ولم تجدها نافعة، وأنّ الأغلبية الحزبية تُفضّل البقاء في الحُكم. لعبة الشارع، وخوف «القوات» من انفلات جمهورها منها، ‏وإيجادها الفرصة المثالية لإضعاف باسيل مسيحياً، بدّلت خيارها. من المُبكر الحسم إذا ما كانت ستكسب من هذه الخطوة. ‏مصادرها تبدو واثقة من ذلك، ولكنّ المُعارضين لها يؤكدون: «إما أن يُشاركوا بالاحتجاجات من دون لافتتهم الحزبية، وإما أن ‏يبتعد عنهم المعتصمون‎».‎
 

صحيفة الاخبار

الكلمات المفتاحية

مقالات المرتبطة