أكدت وزيرة العدل ماري كلود نجم، أن مشاركتها في الإنتفاضة الشعبية، "مثل الكثير، أتت في إطار المطالبة بكرامة اللبنانيين، وهذا الأمر لم يبدأ منذ 17 تشرين الأول، وقد شاركت عن قناعات سابقة في تحركات عبرت عن مطالب اللبنانيين بوضع حد لممارسات وسياسات خاطئة".
وقالت نجم، في مقابلة عبر برنامج "مشاكل وحلول" على شاشة "تلفزيون لبنان"، أن "الناس انتفضت اليوم لأن هناك وضعا إقتصاديا واجتماعيا لا يحتمل، ولأن سياسة المساءلة والمحاسبة كانت غير موجودة، وهدفنا اليوم تفعيل هذين المبدأين".
أضافت: "الناس انتفضت أيضا من أجل كرامة الإنسان، ولانها تعتبر أن الدولة التي تحترم نفسها يجب أن تكون حامية وحاضنة للجميع".
وتابعت: "من موقع مسؤوليتي كوزيرة عدل أنقل وجع الناس والتواصل قائم مع كل الأطراف السياسية ومع الأشخاص الذين شاركوا في الإنتفاضة ولا يزالون".
وأردفت: "كل مطالب المنتفضين هي شرعية ومحقة، وكل شخص يعمل اليوم من أجل لبنان، علينا أن نضع يدنا بيده، ففي تاريخ كل الدول حدثت أزمات عميقة، وقد نقع ليس فقط في أزمة إقتصادية أو مالية أو إجتماعية، بل في أزمة أخلاق وإنهيار أخلاقي، لذا علينا أن نضع كل خلافاتنا جانبا، وكل الحسابات السياسية الصغيرة أيضا، ونطلب من كل الفرقاء السياسيين أن يعملوا بهذه الطريقة، ومن لا يريد أن يضع يده بيدنا، فليفسح المجال للذين يريدون أن يعملوا، لأننا في سفينة واحدة، إما أن نغرق معا أو ننجو معا، وعلينا أن نورث أولادنا بلدا يستطيعون العيش فيه بكرامة وراحة".
وشكرت نجم "كل شخص طرح اسمي أو دعمني من السياسيين أو غير السياسيين لأتولى المسؤولية في هذه الحكومة، وهي مسؤولية كبيرة، وأنا فخورة بتحملها لأعمل من أجل بلدي، وأنا وفية في هذا الموضوع لكن الوفاء لا يعني بالنسبة الي الولاء. ليس لدي أي ولاء سياسي لأي فريق سياسي، أعمل في كل الملفات التي أعالجها وفق ضميري وقناعاتي، وأعتقد أن ما حدث من تشويش وكلام خارج هذا الإطار لم يكن صحيحا على الإطلاق، وقد يكون عن قصد أو غير قصد، لكنني على قناعة مطلقة بأن الأيام ستبرهن عن وجود أشخاص مستقلين يعملون وفق ضميرهم في المهام الحكومية أو سواها".
وتابعت: "نعمل ليلا ونهارا، بدءا من رئيس الحكومة وسائر الوزراء، لأن هذا واجبنا، ونعمل المستحيل كي نتمكن من النهوض بالبلد والخروج من الأزمة الراهنة. المشوار صعب وما يهمنا هو أن نتمكن من وضع البلد على السكة الصحيحة".
وقالت: "إن مفهومي للعدالة أوسع وأشمل من المفهوم المتعارف عليه ولا يجب حصرها فقط بالشق القضائي. ما قمنا به في المدة القصيرة من عمر الحكومة ولغاية الآن، وفي ظل الظروف الصحية الطارئة المتعلقة بجائحة كورونا، حقق أمورا عدة أساسية يجب ألا ننكرها، وقد يكون أولها وأهمها تشخيص الواقع بصورة علنية وواضحة، وهو أمر لم يكن موجودا في السابق، لقد وضعنا الإصبع على الجرح وباشرنا المعالجة، بدءا من الأزمة الإقتصادية الى تعليق الدفع باليوروبوند والخطة المالية والإقتصادية. ليس هناك قرار صحيح بالمطلق، خصوصا في الظرف الراهن والخيارات التي نأخذها تكون من ضمن حلول عدة قد لا تكون صائبة مئة بالمئة، لكن المهم أننا وضعنا الأمور في نصابها الصحيح والباقي يأتي مع الخطة التنفيذية وانا على قناعة أن ما قمنا به حتى الآن كان يجب القيام به منذ زمن. لا نستطيع أن نطلب شيئا من الناس الذين من حقهم أن يطلبوا هم منا، وعليهم أن يتمتعوا بالحد الأدنى من الإيجابية والموضوعية، لأن هناك حملات تسعى في بعض الاحيان الى تشويه صورة وعمل الحكومة، وقد اختبرت ذلك في وزارة العدل من خلال المشاريع التي قمنا بها لغاية الآن، وهي حملات عشوائية وخاطئة. ومن المؤكد أن وجع الناس في محله، وعملنا هو خدمة الناس سواء في مكافحة الفساد أو الأوضاع الإجتماعية".
وأشارت الى أن "شبكة الامان الاجتماعي هي أساسية ووزارة الشؤون الاجتماعية لديها دور مهم وتمارسه وهو بالتأكيد سيتطور. يجب ألا ننسى أن أزمة كورونا زعزعت كل اقتصادات العالم، وفي لبنان نحن أساسا نمر بأزمة وشبه انهيار ولا إمكانات لدينا كالتي تتمتع بها بعض الدول الاجنبية".
وعن إعلانها في شباط الماضي عما يشبه الإستنفار القانوني في وزارة العدل بعد تواصلها مع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والطلب منه إفادتها عن كل التحويلات المالية الى الخارج، بدءا من شهر تموز الماضي حتى اليوم، وذلك في إطار استعادة الأموال المنهوبة، وعن الورقة التي ناقشها مجلس الوزراء وأقرت التدابير السبعة وما قيل عن ان تنفيذ هذه التدابير لإستعادة الاموال المنهوبة أمر صعب وغير فعال والورقة غير نافذة قانونا لكن يمكن أن تمهد لإتخاذ قرارات ترضي الشارع، قالت نجم: "أنفي هذا الكلام لسبب بسيط وهو أن كل من كان موجودا في مجلس الوزراء يعرف أنني دافعت بشدة، وعلى مدى ثلاث جلسات، عن التدابير السبعة وقانونيتها وعدم تعارضها مع أي صلاحية للأجهزة الرقابية والقضائية، هدفنا ليس الحلول مكان القضاء، ولكن أن نُفّعل هذه المساءلة والمحاسبة، وبالنسبة الى التحويلات الى الخارج فهذا الموضوع لا يتناوله التدبير بل هناك شكوى من الناس من أنه، في الوقت الذي كانت المصارف ولا تزال حتى اليوم تقتصد بالدولار، تمت تحويلات مهمة الى الخارج بشكل استنسابي واعتباطي، وهذا واضح وحصل على مدى أشهر ونحن ننوي وضع حد له. وأنا كوزيرة للعدل، أعتبر أنه من الضروري أن تكون هناك إجراءات في قانون "الكابيتال كونترول" تضع ضوابط معينة في الوقت الحالي لفترة زمنية محدودة لضبط ما يحصل، فالكابيتال كونترول اليوم هو واقع ويحصل أحيانا من كل مصرف بطريقة استنسابية. من الضروري إيجاد معايير سليمة في قانون يؤمن المساواة وهذا هو المطلوب. نحن نعرف أننا في أزمة مالية، نريد استقطاب أموال الى لبنان كما نريد منع خروج السيولة القليلة الموجودة هنا من دون وجه حق" .
وعن بعض الخطوات التي يتخذها القضاء وتفاجىء الناس مثل توقيف نقيب الصرافين، هل بالإمكان القول إن لا عودة للقضاء عن الحزم لنتمكن من الوصول الى تحسين واقع الامور المشكو منها، قالت: "كل همي تفعيل القضاء، والمحاسبة تسري تحت سقف القانون مع الحفاظ على حقوق الدفاع كلها، أنا قانونية وكل همي أن يتمكن القضاء من فتح ومتابعة كل الملفات، وكوزيرة للعدل لا يمكنني التدخل في صلب الملف القضائي والقضاة يعرفون ذلك، وأتحدى أي شخص أن يقول إنني قمت بإتصال واحد مع أي قاض في موضوع معين منذ تسلمي الوزارة، سواء كان في موضوع فساد أو غيره. كما أنني لم أطرح أي اسم في التشكيلات، فأنا حريصة جدا على إستقلالية السلطة القضائية، ومن موقع المسؤولية لاني مسؤولة عن حسن سير المسلك القضائي، يهمني تسريع المحاكمات والتحريك الجدي للملفات التي تحمل شبهة فساد، وقد بدأ هذا الأمر ويجب أن يكمل في كل الملفات".
وشددت على أن "لا غطاء لأحد ومن الضروري أن تتحرك كل الملفات بصورة صائبة وأملي أن يتمكن القضاء من تحريكها، واذا حصل أي تدخل سياسي لعرقلة ملف معين سأكون أول من يتصدى لهذه العرقلة".
وعن إعلان عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله كتكتل نيابي ووزراء تقديم كل ما لديهم من ملفات، ولكن على القضاء كشف الاسماء والمحاسبة، قالت: "هذا ما ننتظره من القضاء، لكن الناس أحيانا تعتقد أن الموضوع هو فقط موضوع إستقلالية أو سياسة، هناك أيضا مشكلة الإمكانات المادية والبشرية في القضاء، ولا يمكننا إغراقه بكم هائل من الملفات، يجب على القضاة التركيز على ملاحقة الملفات المهمة والأساسية التي تعيد أموال الدولة حين يكون هناك أموال متأتية من الفساد وتعاقب كل شخص مخالف وقد رأينا التحرك في موضوع الاملاك البحرية".
تلفزيون لبنان